تصاعد اختطاف وابتزاز النساء العلويات في سوريا

“احصل على المال بسرعة إن كنت تريدها حيّة”: تصاعد اختطاف النساء العلويات في سوريا بعد سقوط الأسد

‏ملخص تقرير من جريدة The National عن المخطوفات العلويات

‏في أحد أيام مارس، خرجت “مينا” وشقيقتها لشراء حاجيات الإفطار من بقالة قريبة في الساحل السوري. لم تعودا. بعد ساعات، أُرسلت رسالة صوتية إلى والدتهما: “نحن بخير، سنعود قريبًا”. كانت هذه آخر مرة سُمع فيها صوتاهما.

‏كاميرات المراقبة أظهرت مرورهما بجانب “فان” أبيض، قبل أن ينقطع التصوير. بعد أكثر من شهرين، عادتا إلى منزلهما، مرتديتين النقاب، صامتتين. أخبرتا أمهما أنهما اختُطفتا على يد 4 رجال مسلحين بلباس مدني، نُقِلتا معصوبتي العينين إلى موقع تحت الأرض يبعد 3 ساعات، واحتُجزتا دون طلب فدية.

‏قالت والدتهما “عبير”: ‏“قالوا لهما: أنتما علويتان؟ عندما أجابتا بنعم، شتموهما وقالوا: أنتن سبب ما حدث على الساحل… أي علاقة لبناتي بذلك الكمين؟”

‏الأجهزة الأمنية أخبرت العائلة أن القضية جزء من شبكة أوسع من الاختطافات تطال النساء العلويات.

‏حالات مشابهة عديدة ظهرت منذ فبراير. عشرات النساء والفتيات – من طالبات مدارس إلى أمهات – اختفين فجأة. في حماة، دمشق، طرطوس، وجبلة. بعضهن عُدن مضروبات، حليقات الرأس، أو مصابات بجروح. أخريات لم يُعرف مصيرهن حتى اليوم.

‏إحدى العائدات قالت لوالدتها: ‏“ضربونا، هددونا… كانوا يريدون منا أن نقول أشياء ضد طائفتنا، أجبرونا نغيّر روايتنا.”

‏“فاتن” كانت في طريقها للمدينة، ثم انقطع الاتصال. اتصل الخاطف بعدها، وقال: ‏“لا تدوروا عليها، انسوها”. ‏ثم اتصل مجددًا وقال: “بدنا 50 ألف دولار. بعدين خفّضها لـ25 ألف. ظل يكرر: ‘جيبوا المصاري بسرعة إذا بدكن ترجع حيّة.’”

‏لاحقًا، اتصلت فاتن من رقم غريب. كانت تبكي وترتجف، وقالت: ‏“أنا مش بسوريا… ما بفهم اللغة اللي حولي… ناس ما بعرفهم… رجاءً لا تعملوا شي، لا تبلغوا الأمن.”

‏قال أحد أقاربها: ‏“سمعنا صوت رجال بلغات مش عربية. يمكن شيشانيين أو تركمان أو يويغور. الله أعلم وين أخدوها.” ‏رغم دفع الفدية، لم تعد.

‏في حالة “لانا”، اقتحم المسلحون منزلها ليلاً، وخطفوها أمام زوجها “حيان” وابنهما الرضيع. بعد أسبوع، اتصل به أحد الخاطفين، وقال: ‏“طلّقها فورًا إذا بدك تضل عايش.” ‏كانت هي عالخط، تبكي، وقالت له: ‏“طلقني إذا رح ينقذني.” ‏لكن حيان رفض.

‏أعطى الرقم لجهاز الأمن، لكنه قال: ‏“ما عندي أمل. الأمن ما بيلحق شي، أو ما بدو يلحق.”

‏إحدى النساء العائدات من إدلب أخبرت ناشطة مقيمة بأمريكا: ‏“أخذوني على مكان اسمه كفر… نسيت الاسم، كانوا يحكوا عن شي أمير، بدهم يزوجوني إله. كنت مربوطة، مع بنات تانيات. بس قدرت أهرب لما تركونا لحالنا يومين.”

‏في الساحل، “رنا” اختُطفت، وعادت بعد دفع فدية. لكنها لم تتحدث كثيرًا. قال أحد أقاربها: ‏“لسا خايفة. خايفة يحكوا عليها، أو يرجعوا ياخذوها. طلبت منا ما نحكي شي، ولا حتى نذكر اسمها.”

‏“لما”، والدة فتاة مخطوفة، تقول: ‏“نزلت صورتها على فيسبوك. صاروا يتصلوا فيني ناس من أرقام مجهولة، واحد قاللي: رح نجلدها ونبعتلك صورها، لأنكن علويين خنازير.”

‏جعفر، أخته مخطوفة من شهرين، يقول: ‏“ما عدنا نحس بأمان حتى ببيوتنا. حتى الجيران منشُك فيهم. بنخاف نمشي بالشارع، أو نجاوب أرقام غريبة.”

‏كثير من العائلات فقدت الثقة بالأمن. يقول أحد أقرباء فتاة مختفية: ‏“قدمنا بلاغ، بس الشرطة قالت يمكن البنت هربت. ما في اهتمام، كأنو مش مهم إذا البنت اختفت.”

‏رغم وعود الحكومة الجديدة، لم تُفتح أي ملفات تحقيق شاملة، إلا تصريحات عامة. حتى مفوضية الأمم المتحدة وثّقت 6 حالات فقط، مع استمرار التحقيقات في أخرى.

‏كثير من الفتيات العائدات يتعرضن لضغط لتغيير أقوالهن. يقول ناشط حقوقي: ‏“أهاليهن بتجيهم تهديدات. في بنت رجعت، وقالت إنها اختُطفت، بس بعد يومين غيرت الرواية وقالت إنها كانت عند صاحبة. واضح إنه تحت الضغط.”

‏في حالة أثارت الجدل، ظهرت فتاة علويّة تُدعى “ميرا” على وسائل الإعلام بعد اختفائها، وقالت إنها لم تُختطف، بل هربت للزواج من شاب سنّي. البعض رأى في ذلك تغطية على حالات حقيقية.

‏قال أحد أقرباء المخطوفات: ‏“بيحاولوا يلمّعوا القصة: يقولوا البنات هربوا مع شباب، بس ليش فجأة هالحالات كلها؟”

‏مشاعر الغضب والإحباط تسيطر على العائلات. قال رجل من طرطوس: ‏“نحن، الفقراء، عم ندفع الثمن. كبار الضباط سرقوا وراحوا، ونحن ضلينا، وهلّق عم يُنتقم منّا.”