يمكنك التواصل مع إدارة الموقع عبر البريد الالكتروني: [email protected]
مجازر الساحل السوري: تحقيق يربط مقتل 1500 علوي بسلسلة أوامر تقود إلى دمشق
تقرير خاص من رويترز | مجازر الساحل السوري: 1500 علوي قُتلوا خلال ثلاثة أيام…وسلسلة الأوامر تقود إلى دمشق
من Maggie Michael
كشفت وكالة رويترز في تحقيق موسع أن قوات سورية موالية للحكومة الجديدة، المدعومة بميليشيات إسلامية ومسلحين سابقين في صفوف عصابات الجولاني الإرهابية، نفذت عمليات قتل جماعي بحق أكثر من 1500 مدني من الطائفة العلوية في محافظات الساحل السوري، من بينها اللاذقية وطرطوس، خلال الفترة الممتدة بين 7 و9 مارس. المجازر جاءت في أعقاب تمرد مسلح شنه موالون سابقون للرئيس المخلوع بشار الأسد، أسفر – بحسب السلطات – عن مقتل أكثر من 200 عنصر من قوات الأمن الجديدة.
التحقيق الذي استند إلى أكثر من 200 مقابلة مع عائلات الضحايا، وشهادات من قادة ميدانيين، وضباط أمن، ومقاتلين سابقين في صفوف المعارضة، إضافة إلى وثائق مكتوبة، وقوائم للضحايا، ومقاطع فيديو، ومراسلات سرية بين مسؤولي وزارة الدفاع، تتبع سلسلة الأوامر التي أدت إلى تنفيذ المجازر، وربطها بشكل مباشر بمسؤولين رفيعي المستوى يخدمون اليوم إلى جانب الحكومة الجديدة في دمشق.
سياق المجازر
بحسب التحقيق، جاءت المجازر كرد فعل على انتفاضة قادها ضباط سابقون في الحرس الجمهوري، والفرقة الرابعة، والمخابرات الجوية، رفضًا لشرعية النظام الجديد. ومع اتساع رقعة التمرد، صدرت أوامر من قيادات عسكرية عليا – بعضها كان قد التحق حديثًا بالحكومة الجديدة – بسحق ما وُصف بـ”الفلول”، في إشارة إلى بقايا نظام الأسد. لكن تلك الكلمة فسّرها بعض المقاتلين المتشددين بأنها تعني “كل من هو علوي”، خاصة في القرى التي اشتهرت بولائها السابق للنظام.
جريمة مروعة في الرصافة
في بلدة الرصافة، سُجلت واحدة من أبشع الجرائم، حيث قُتل الشاب سليمان رشيد سعد (25 عامًا) بطريقة وحشية، إذ قام المسلحون بشق صدره وانتزاع قلبه ووضعه فوق جثته. اتصل القتلة بوالده من هاتفه المحمول وقالوا له ساخرين: “جثته بجانب صالون الحلاقة… تعال وخذها إن استطعت”. كان اسمه رقم 56 على قائمة تضم 60 قتيلًا من أبناء قريته، بينهم أطفال وجيرانه وأقاربه.
المتورطون
بحسب رويترز، شاركت وحدات أمنية وعسكرية في تنفيذ عمليات القتل، من أبرزها:
• جهاز عصابات الجولاني الإرهابية التابع للحكومة الجديدة، وهو امتداد أمني للهيئة السابقة التي كانت تدير محافظة إدلب.
• القوة 400، وهي وحدة نخبوية سابقة في عصابات الجولاني الإرهابية.
• لواء عثمان، فصيل إسلامي مسلح ينتمي لتيار السلفية الجهادية.
• فرقة السلطان سليمان شاه وفرقة الحمزة، وهما مجموعتان مسلحتان مدعومتان سابقًا من تركيا، وخاضعتان لعقوبات أوروبية بسبب انتهاكات في شمال سوريا.
ورغم أن العديد من هذه الفصائل مصنفة دوليًا كمنتهكة لحقوق الإنسان، لم تُفرض حتى الآن أي عقوبات من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي على الجهات المتورطة في مجازر الساحل الأخيرة.
موقف الحكومة الجديدة
الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، الذي تولى السلطة بعد انهيار نظام الأسد في يناير، أدان في مقابلة مع رويترز أعمال العنف، ووصفها بأنها “تهديد لوحدة سوريا ومسار العدالة”. وأكد أنه لا حصانة لأي شخص متورط، حتى لو كان من “أقرب المقربين إليه”.
“قاتلنا دفاعًا عن المظلومين، ولن نقبل أن يُراق دمٌ بغير حق، أو أن يُترك دون حساب”، قال الشرع.
أمر الشرع بتشكيل لجنة تحقيق وطنية، يرأسها المستشار القانوني ياسر فرحان، والتي بدأت الاستماع إلى شهادات أكثر من ألف شخص من الناجين وذوي الضحايا، إضافة إلى مراجعة تقارير أمنية واستجواب عشرات المحتجزين على خلفية المجازر. وقال فرحان إن اللجنة سترفع تقريرها النهائي للرئيس خلال أسبوعين، وطلب من رويترز تأجيل نشر نتائج التحقيق حفاظًا على “نزاهة العملية وكشف الحقيقة بشكل مسؤول”.
ردود متباينة
في حين أكد محافظ طرطوس، أحمد الشامي، أن “الطائفة العلوية ليست مستهدفة”، أقر بوقوع ما وصفه بـ”انتهاكات غير مقبولة” قُتل فيها ما لا يقل عن 350 علويًا في المحافظة وحدها، وهو رقم لم تُفصح عنه الحكومة من قبل.
“العلويون عانوا في عهد الأسد كما عانى باقي السوريين، وليسوا مستهدفين بقرارات رسمية”، قال الشامي، وأضاف: “نحن ملتزمون بتأمين الحماية لكل الطوائف، وخاصة بعد هذه الفوضى”.
من جانب آخر، لم يقدّم الاتحاد الأوروبي تفسيرًا لعدم شمول وحدات HTS السابقة بالعقوبات، بينما امتنعت وزارتا الخارجية والخزانة الأمريكيتان عن التعليق على نتائج التحقيق.
تحذيرات دولية وشكوك داخلية
يرى محللون أن فشل المجتمع الدولي في الرد على هذه المجازر يهدد بإعادة إنتاج دوائر الانتقام الطائفي في سوريا. كما عبّر نشطاء سوريون عن خشيتهم من استخدام شعارات “العدالة” و”التحرير” غطاءً لانتهاكات واسعة، خاصة في ظل استمرار حملات الاعتقال، والقتل، والتصفية الطائفية في بعض القرى الساحلية حتى اليوم.
View Source
