يمكنك التواصل مع إدارة الموقع عبر البريد الالكتروني: [email protected]
سوريا في عين الإعصار: بوادر انفجار جديد تلوح في الأفق

ربما يكون الأسوأ لم يأت بعد في سوريا
مقتطف من مقالة ل Washington Examiner
إذا كانت السماء اليوم صافية فوق سوريا، فإن ذلك لا يعني أن الأمور تسير بسلاسة، بل لأن البلاد في عين الإعصار، على وشك أن تتعرض لقوى قد تكون مدمّرة بقدر ما فرّ منه السوريون للتو.
فالحكومة الجديدة، إمّا بسخرية متعمدة أو بإنكار ساذج، تتجاهل سوء معاملتها للأقليات العرقية والطائفية. وتصف المجازر الواسعة ضد العلويين والدروز بأنها “عمليات محدودة” أو “ردود على استفزازات”. والنتيجة أن العلويين يفرّون الآن إلى لبنان في الوقت الذي يعود فيه اللاجئون السوريون الآخرون، مما يخلق بابًا دوّارًا بدلًا من حلّ حقيقي.
يقول المسؤولون السوريون إن بإمكانهم استمالة الدروز في السويداء من جديد عبر تقديم المزيد من المساعدات. لكن حقيقة أن الدروز يفضّلون التحالف مع إسرائيل بدلًا من دمشق تُظهر عمق الغضب المحلي الذي لن يتلاشى بسهولة. وعلى عكس العلويين، فإن الدروز لن يفرّوا، بل سيلجؤون إلى إسرائيل كوسيلة للحماية من المتطرفين السنّة داخل ائتلاف الرئيس أحمد الشرع الحاكم. أما بالنسبة لإسرائيل، فحساباتها سياسية بقدر ما هي أمنية: فالدروز الإسرائيليون لا يصوتون كتلة واحدة، وهم يطالبون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بحماية إخوانهم الدروز في سوريا مقابل دعمهم الانتخابي.
في الوقت نفسه، ترفض حكومة الشرع الفيدرالية الكردية القائمة ومطالب الدروز بالحصول على وضع مماثل، بحجة أن ذلك سيؤدي إلى تفتيت سوريا. ويستشهد المسؤولون السوريون بتجربة العراق ونظامه الفيدرالي والنزاعات المستمرة بين بغداد والأكراد العراقيين كنموذج يجب تجنبه. لكن بالنسبة للأكراد، فإن مركزية الحكم السوري تمثل تهديدًا وجوديًا، إذ لن يثقوا أبدًا بحكومة كان مسؤولوها قبل سنوات قليلة يقطعون رؤوسهم. كما أن احتضان الشرع للمرتزقة الإيغور والشيشانيين الذين قاتلوا إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية، مع مطالبته بحلّ الميليشيا الكردية التي واجهتهم، يُعدّ خطًّا أحمر بالنسبة للأكراد. ويقول السوريون إن الفتيل قد أُشعل بالفعل، والانفجار بات مسألة وقت.
ويزيد من تعقيد المشهد التحول المرتقب لإدارة مخيم الهول — الذي يديره الأكراد ويحتجز مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية — إلى إدارة تابعة للأمم المتحدة. فبينما قد يستمر الأكراد في حراسة المخيم، إلا أن الخطوة، التي تطالب بها دمشق وأنقرة وإدارة ترامب، قد تؤدي إلى إطلاق سراح آلاف السجناء من داعش الذين زادتهم سنوات السجن تطرفًا. وحتى لو كانت نوايا الشرع الإصلاحية صادقة، فإن إدماج هؤلاء في المجتمع سيكون بمثابة صبّ البنزين على الجمر.
قد يرغب الرئيس دونالد ترامب ومبعوثه إلى سوريا توم باراك في السلام ويأملان بإبرام صفقات لإعادة إعمار سوريا، لكن التمنيات المنفصلة عن الواقع لن تجلب السلام. الهدوء الذي تنعم به دمشق اليوم قد يتبدد قريبًا، والسؤال المطروح: هل المنطقة مستعدة لما سيأتي؟
